Admin Admin
عدد المساهمات : 584 نقاط : 13110 السٌّمعَة : 5 تاريخ التسجيل : 04/07/2009 العمر : 36 الموقع : https://gorg-kr.ahlamontada.net/index.htm نشكر الله على كلشي
| موضوع: ايقونات تتخدث السبت يوليو 18, 2009 7:48 am | |
|
أيقونة الصعود |
أيقونة روسية من القرن الخامس عشر - مدرسة موسكو للرسم وهي موجودة في رواق متحف تريتاكوف في موسكو |
أيقونة واضحة المعالم 1547م |
مقدمة:
لنعد إلى كل من النص الإنجيلي في رواية الصعود عند (لو50:24-53) وعند لوقا أيضاً في سفر الأعمال (أع9:1-11) نراه معّبر عنه ليتورجياً بأدق المعاني اللاهوتية وقوة النص في حياكة بالروح يوصلنا لنكون نحن المعاينين للصعود بما نحمله من قلوب ممتلئة بالبهجة, تلك التي قادت بولس الرسول ليعبر عنه بقوله: "إن الذي نزل هو نفسه صعد أيضاً إلى ما فوق السماوات كلها ليملأ كل شيء" (أف10:4).
وبما أن حياة المؤمن ترتقي النفس فيها من خلال نصوص الإنجيل, وتعابير الآباء القديسين في عيشها ليتورجياً, فإن هذه الأنفس قادرة على نقل اللغة الروحية إلى صور روحية التي هي الأيقونات المتشكلة من تلك الاقتباسات لتساعدنا في تأملنا فيها مُشكّلة بالإضافة لما سبق, قوة روحية في صميم حياتنا آتية من سر التجسد الإلهي, فكما أن المسيح كلمة صار جسداً,كذلك الأيقونة هي بالظاهر رسم لكن بالحقيقة طريق يقود المؤمن ليرفع قلبه إلى الله, وإلى القديسين بعون الروح القدس ذاته الذي ألهم هؤلاء الرسامين ليضعوا بين أيدينا نوعاً من الإنجيل الذي يقودنا عن طريق التأمل لنصل إلى سر الله في المسيح.
2- أيقونة الصعود:
كثيرة هي أيقونات الصعود, وكلها تستقي من الإنجيل موضوعاتها. كما وتستعين بالمفهوم اللاهوتي ليتورجياً, أو تتفاعل مع الليتورجيا لتعطينها العون على صياغات جديدة آتية من التأمل الروحي في الأيقونة.
"يا يسوع الحلو أنك من الأحضان الأبوية لم تنفصل وتصرّفت على الأرض مثل إنسان. اليوم ارتقيت بمجد من طور الزيتون وبإشفاق منك أصعدت طبيعتنا الهابطة وأجلستها مع الآب. فلذلك مصاف السماويين الذين لا أجسام لهم عراهم الذهول وارتاعوا مبهوتين وارتعدوا من العجب وعظموا محبتك للبشر فمعهم ونحن الأرضيين نمجد تنازلك إلينا وارتقاءك من عندنا متوسلين وقائلين: يا من أوعبت تلاميذك ووالدتك والدة الإله بصعودك فرحاً يفوق الحد أهلنا بوسائلهم لفرح مختاريك لأجل عظمة مراحمك" (قطعة غروب ذكصا كانين العيد).
مع عيد الصعود اليوم اخترنا أيقونة روسية, قد تكون متميزة بفنها القادر على محاكاة النفس, فالأنفس المعتادة على الصمت بخشوع قادرة على أن تستسلم للجمال الإلهي الذي به نصل إلى القصد خلف ما تعطينا الأيقونة إياه.
نحن الآن مع فنان روسي كنسي مجهول, يرتبط فيه بشخصية المعلم اليوناني الكبير ثيوفانس بدءاً من القرن الرابع عشر ليكون له تلاميذ كثيرون من بينهم الراهب أندره روبلوف الشهير خاصة في أيقونته عن (زيارة ضيوف إبراهيم) أو (الثالوث الأقدس). وربلوف بدوره ترك تلامذة من بينهم راسم أيقونة الصعود هذه.
نحن إذن الآن مع الأيقونة في جبل الزيتون حيث التلاميذ مجتمعون ليشكلوا مع ألوان الرسم ومعطياته حركة كمثل حركة مركبة الصعود المحمولة من الملائكة كمثل المركبة النارية التي تحمل إيليا النبي في صعوده. حيوية لا توصف يتمتع بها هذا الرهط من الأشخاص الشاخصة نحو العلاء, يغمرهم الفرح الممتزج بسلام, دون ما أن يغيب عنهم الاندهاش والتساؤل والاستغراب علاوة على ذلك يتصفون بشكل ملحوظ بحركة دؤوبة تدل على منطلقهم المقبل لكرازة هي رسالتهم المحمولة من ذاك المحمول على عربة الملائكة. كان لهم هو قاعدة وضمانة حضور الله بشخصه. والآن سيبقى هو الحاضر بالروح أما هم فكما نرى بقاعدتهم الرسولية يشكلو قاعدة الكنيسة ليبقى كما في الأيقونة هو الرأس. جمال هذا الرأس أي المسيح أنه محاط بشكل دائرة بما يعرف في الرمز دائرة الكرات الكونية التي تظهر مجده الصاعد إليه. ولا يغرب عن نظرنا مشهد ملاكين يلبسان ليس ثياب بيضاء, بل ثياب الرسل في لونها الذي بدل عليهم بعلاقتهم معه, هذه العلاقة تدل على سر التجسد الإلهي المرموز لها بالثياب ذات اللون الأخضر. أي أن المسيح وإن صعد بالجسد فهو باقٍ بكنيسته من خلال عطاءات دمه الإلهي الذي أُعطي للمؤمنين في سر الفداء سيبقى غذاءهم في كنيسة. هذا ونرى المسيح يبارك بيد ويحمل الإنجيل باليد الأخرى. وكأن الأيقونة تقول إن البركة تعطي للمؤمنين الذين يحيون الإنجيل. هذه هي رابطتهم بالمسيح الصاعد إلى السماء .
نعود إلى أرضية جبل الزيتون التي فيها حركة الرسل لنرى بالمقابل وفي الوسط ثبات السيدة العذراء التي بدءاً من ثباتها في قولها للملاك "ليكن لي" (لو38:1) تعلمنا أن نثبت في قولنا (نعم) عندما يكلمنا الله. لهذا تشكل وقفتها مع الرسل الثبات والحركة مع قوة البركة الآتية من السماء في صعود المسيح المتجسد بألوهيته المقدسة.
الجميل جداً والمؤثر جداً والبعد الروحي الذي لا يوصف هو يدا السيدة العذراء كمعلمة من خلال وجه يستلهم من السماء في صعود ابنها عطاء بركة وشفاعة بحركة كلٍ من يديها الذين يحملان من شخصها رقّة ورشاقة وشفافية. فوجهها الصافي ينقل إلينا كل نقاوة قلبها وكيانها الداخلي. خاصة وجود الملاكين بثياب بيض اللذين لا يفارقانها. هما صلتها بالله وهما صلة الله بها. وهما اللذان نقل لنا الإنجيل في سفر الأعمال عنهما, وهذا ما نجده بالأيقونة, يكلمان الرسل الشاخصين إلى السماء بقولهما لهم: "أيها الرجال الجليليون, ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء, إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء, سيأتي هكذا كما عاينتموه منطلقاً إلى السماء" (أع11:1).
3- علاقة أيقونة الصعود بمشهد المجيء الثاني للمسيح:
يلتقي في الأيقونة صعود المسيح, ومعه صعود آخر للقلوب الخاشعة التي ترى البعد الروحي غير المنظور, والذي الأيقونة تقود إليه. فلنتأملها بإيمان فنلتقي مع يسوع كلنا بقلوب واحدة شاخصة إلى الذي يقول وهو صاعد أنه سيأتي هكذا كما صعد.
لنقف قليلاً عند آخر جملة كتبناها "سيعود هكذا كما صعد" !!! هل في الأيقونة مدلول غير مباشر مع صعود المسيح, ينقل لنا مشهد مجيئه الثاني بصورة سرية وغير مدركة ولا معروفة كيف؟ لكن الأيقونة تعطي فرصة للتذكر الدائم بأن هذا الصعود هو إتيان أي مجيء ونزول. فالكنيسة المرموز لها بالعذراء والرسل هي نحن الشعب المؤمن الذي سيلاقي المسيح في هذا القدوم خاصة وأن الملاكيين يقولان لنا: أنظروا "إنه آتٍ" !!! فهل ستقول وقتها "نعم تعال يا يسوع" أم سنكون خائفين؟.
4- خاتمة:
إذا تأملنا الأيقونة من جديد مستعينين بمتأملين لاهوتيين فإننا نرى مع اللاهوتي الروس (بول أفدوكيموف) أن هذه الأيقونة تكشف عن أشكال هندسية سرية تدعم حقيقة الأيقونة. فالتناسق الظاهر يكشف لنا عن أن هناك مثلث متساوي الأضلاع بصورة خفية بإمكاننا أن نتحقق منه إذا رسمنا يبدأ من أقد السيدة العذراء لينتهي مع انحناءة الملاك الواقف يمينها, ماراً بطرف أصبع الملاك الواقف عن اليسار.
إن رؤوس المثلث المتساوي هو رمز للثالوث الأقدس, والحاضن للكنيسة ليعطيها الحياة. أيضاً تجد دائرة منتظمة تتضمن التلاميذ من رؤوسهم إلى أرجلهم هي بمثابة صورة مكبرة للدوائر التي يجلس المسيح عليها في صعوده. فهم يتحركون بحركته.
ثم إننا نجد خطاً عامودياً مستقيماً ينطلق من المسيح نحو مريم ليعبر عن تدفق الألوهة المنسكب عليها. فيقسم اللوحة قسمين متساويين ملتقيين بخط الأفق المكون صليباً يدعم فيه الأيقونة.
هكذا يريد الرسام المغبوط أن نشكل مع المسيح أماكن يكون لنا فيها علاقة معه.
هدف الأيقونة هو: وصولنا إلى الله بالمسيح الصاعد يسوع إليه, لنكون في عالم الملكوت هناك, لكن بعون الروح القدس. |
| |
|