Bambina مشروفة
عدد المساهمات : 32 نقاط : 11352 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 12/07/2009 العمر : 40 bien
| موضوع: في الصلاة الثلاثاء سبتمبر 08, 2009 6:25 pm | |
| في الصلاة الصلاة هي خلق لا متناه أرفع وأرقى من أي فن أو علم، استراحة للنفس، بهجة للروح، ثمة لحظات نحس فيها بأننا على شفير الجنون والألم يدفع الصرخة " أنت أعطيتني وصيتك، أن أحب وأقبلها بكل كياني، لكن ليست فيّ قوة لهذا الحب، أنت يا من هو الحب، تعال واسكن فيّ، وافعل ما ارتضيت، لأن وصيتك تتخطى قواي، وعقلي أضعف من أن يفهمك. روحي لا تقوى على سبر أسرار حياتك أتوق لصنع مشيئتك في كل شيء, لكن أيامي بتصادم وتضاد مستمرين. إني معذب بخوف خسارتك بسبب الأفكار الشريرة التي في قلبي, وهذا الخوف يصلبني. إني أغرق فيا إلهي نجني, كما نجيت بطرس الذي اجترأ أن يأتيك ماشيا على المياه".
تحتل الصلاة لدى المؤمن الجهد الأكبر من حياته لأنها تجعله في صلة مع الله مصدر حياته وهدفها إنه لأساسي وحيوي أن نستمر في الصلاة قدر ما نستطيع حتى تدخل فينا قوة الله التي لا تقهر وتمكننا من درء كل تأثير هدام وفي استزادة هذه القوة فينا يأتينا فرح الرجاء بالغلبة الأخيرة,.إن الصلاة الحق التي تتحدنا بالعلي ليست إلا نورا" واقتدارا" ينزل علينا من السماء. وهي تسمو في جوهرها على واقع وجودنا.
إن هذا العالم ليست له في ذاته طاقة على الصلاة لذلك فإن الصراع لأجل الصلاة ليس بسهل. فالروح تتقلب متموجة. مرة تجري فينا كنهر دفاق, ومرات يجف القلب. لكن الخفوت في قوة صلاتنا يجب أن يكون على أقصر ما يمكن. فحياتنا الأرضية ليست بالحقيقة إلا لحظة قصيرة معطاة من قبل الأب الحنون حتى ندرك بها "حب المسيح المفرغ ذاته الذي يتخطى كل معرفة وإدراك حتى نمتلئ بكل ملء الله.
إن استمرارية صلاتنا تعني إخبارنا الله بحالتنا المزرية: نخبره عن ضعفنا وقنوطنا, عن شكوكنا ومخاوفنا, عن سوداويتنا ويأسنا أي بالاختصار عن كل ما هو مرتبط بحالنا. نطرح كل شيء خارجا" بدون التفتيش عن التعبير عنه بتنميق أو حتى باطراد منطقي.وغالبا" ما يتحول بنا هذا الاتجاه صوب الإله إلى بداية الصلاة كشركة معه.
وإن كان الحديث مع الله بتواضع، بإحساس النفس عميق، بإحساس بخطيئتها عندئذٍ لا تكون الصلاة عبئًا على الإنسان بل تريحه.
الصلاة متَّصلة بالإيمان القويم، بالأعمال الصالحة وبأعمال الرحمة. ترتبط أيضًا بقراءة الكتاب كما ذكرنا، بالسهر وبالصوم ونظام الطعام، إلى حدّ تستطيع فيها النفس أن تقول مع نشيد الأناشيد "لقد جرح قلبي بالعشق الإلهي ".
يحدثنا إنجيل الوحي عن الصلاة بأنها علاقة فردية بين المؤمن والله فهي علاقة شخصية تربط الفرد المؤمن بربه. لذلك فهي ليست شيئاً يُفاخَرُ به أمام الناس لأن الصلاة علاقة مع الله وليست علاقة مع الناس ، وهو سبحانه الفاحص القلوب والعالِم بالنيّات . أما الناس لو رأوا إنسانا يصلّي لا يرون إلا الظاهر ، لذلك تظاهر الإنسان بصلاته أمام الناس يُحذِّرُ منه الإنجيل ، لأن التظاهر بالصلاة أو الصوم يعمّم الرياء ويكثر من النفاق في الأمة، ويَحْرِفُ المصلي عن جوهر الصلاة للاهتمام بمظاهرها الخارجية وكسب مديح الناس . لذلك يقول المسيح القدوس في عظته على الجبل المدونة في إنجيل متى الإصحاح الخامس الكلمات التالية :
"ومتى صليت فلا تكن كالمرائين . فإنهم يحبّون أن يصلّوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم. و أما أنت فمتى صلّيت فادخل إلى مخدعك وأغلق بابك وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء. فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية ". ثم يقول:" وحينما تصلّون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم، فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. فلا تتشبهوا بهم، لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه "
فمن كلمات المسيح هذه عن الصلاة نتعلم أن الصلاة ليست تمثيلية يقوم بها المصلّي أمام الناس لكي ينال مديحهم. كما نتعلّم أيضاً أن لا لزوم للتكرار المستمر لكلمات أو جمل يرددها البعض أثناء صلاتهم وكأنَّ في تكرارها استجابة أفضل . فالله يسمع ويرى ويعرف احتياجاتنا قبل أن نسأله ، ومع ذلك فهو ينصحنا بالصلاة وعرض احتياجاتنا لدى جلاله لأن في ذلك عبادة . وفيه اعترافٌ بسلطان وقدرة المولى على تسديد احتياجاتنا التي نعرضها عليه .
الصلاة المسيحية صلاة بسيطة، وهي ليست صلاة تقليدية يرددها المصلّي بغرض تأدية فرض مفروضٍ عليه، بل الصلاة المسيحية تقوم على إحساسٍ قلبي، دافعها علاقة حبيِّة مع الله. ففي صلاته يتحدث المصلّي مع ربه كما يتحدث الحبيب مع حبيبه، ولذلك تأتي كلمات الصلاة من إنشاء ذاتي عفويّ تحكمها ظروف المصلّي وأحواله ومشاعره ومن أهم الأمور في حياتك الشخصية أن تصلي من اجل الذين أغاظوك فتذكر أسماءهم ليزول عنك وعنهم الحقد. ومن أهم الأمور أيضا أن تستغفر ربك حتى لا تظل الخطيئة معششة فيك. لا تنم قبل أن تستغفر فقد لا تستيقظ عند الصباح. وحتى لا تبقى مجرد سائل كأنك مركّز على الأنا، فاشكر لله ما أعطاك، وإذا سرت في الحب الإلهي فسبح ربك تسبيحا طيبا فيه كل الفرح فتحس عند ذاك انك عشير الرب وأليفه وكأنك صرت عنده كما الملائكة عنده يجب على المرء أن يطوب كل من خدموا الله وأن يتمثل بهم لسببين: أولاً : لأنهم وضعوا كل رجاء خلاصهم في الصلوات المقدسة.
ثانياً: لأنهم حفظوا ما كتبوه في التسابيح والعبادات التي قدموها لله برعده وفرح نقالين لنا بذلك كنوزهم الروحية هذه جاذبين كل الأجيال التالية إلي غيرتهم المقدسة.
فمن الطبيعي أن ينتقل سلوك المعلمين لمن يعلمونهم وأيضاً من الطبيعي أن يتشبه المتعلمون بسلوك المعلمين وفضائلهم حتى نحيا في صلاه وعبادة لله وتفكير دائم في إرادته فالحياة والغنى والسعادة هي أن نصلي لله بنفس نقيه غير دنسه فكما أن الشمس هي نور لعيني الجسد، هكذا الصلاة هي نور للنفس فإن كانت تعتبر خسارة فادحة ألا يرى الأعمى الشمس فكم بالحري تكون الخسارة عندما لا يصلى المسيحي دائماً أو لا يقدس نفسه بنور المسيح بواسطة الصلاة؟!.
كيف لا يندهش ويعجب الإنسان لهذه المحبة التي أظهرها الله لنا مانحاً إيانا كرامة كبيرة حتى جعلنا مستحقين أن نصلي إليه ونتحدث معه. آخذين طبيعة الملائكة وبهذا يتضح أننا نختلف كثيراً عن الحيوانات غير العاقلة.
يستطيع الإنسان أن يتحدث عن أمور كثيرة قديماً وحديثاً لو أراد أن يعدد أولئك الذين أنقذتهم الصلاة وربما أن شخصاً ما المتهاونين الذين لا يقدمون صلواتهم باهتمام وحرص ويستند إلي كلام الرب: " ليس كل من يقول لي يارب يارب يدخل ملكوت السموات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات" ( مت 7: 21 ). | |
|